سورة غافر - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (غافر)


        


{وقال موسى} يعني لما توعده فرعون بالقتل {إني عذت بربي وربكم} يعني أن موسى عليه الصلاة والسلام لم يأت في دفع الشدة إلا بأن استعاذ بالله واعتمد عليه فلا جرم أن صانه الله عن كل بلية {من كل متكبر} أي متعظم عن الإيمان {لا يؤمن بيوم الحساب} قوله عز وجل: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه} قيل كان ابن عم فرعون وقيل كان من القبط وقيل كان من بني إسرائيل، فعلى هذا يكون معنى الآية وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون وكان اسم هذا المؤمن حزبيل عند ابن عباس وأكثر العلماء وقال إسحاق كان اسمه جبريل وقيل حبيب {أتقتلون رجلاً أن يقول} أي لأن يقول: {ربي الله} وهذا استفهام إنكار وهو إشارة إلى التوحيد وقوله: {وقد جاءكم بالبينات من ربكم} فيه إشارة إلى تقرير نبوته بإظهار المعجزة والمعنى وقد جاءكم بما يدل على صدقه {وإن يك كاذباً فعليه كذبه} أي لا يضركم ذلك إنما يعود وبال كذبه عليه {وإن يك صادقاً} أي فكذبتموه {يصبكم بعض الذي يعدكم} قيل معناه يصبكم الذي يعدكم إن قتلتموه وهو صادق، وقيل بعض على أصلها ومعناه كأنه قاله على طريق الاحتجاج أقل ما في صدقه أن يصيبكم بعض الذي يعدكم وفيه هلاككم فذكر البعض ليوجب الكل {إن الله لا يهدي} يعني إلى دينه {من هو مسرف كذاب} أي على الله تعالى.
(خ) عن عروة بن الزبير قال: سالت عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه وخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال {أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم}.
قوله عز وجل: {يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض} يعني غالبين في الأرض أي أرض مصر {فمن ينصرنا} يعني يمنعنا {من بأس الله إن جاءنا} والمعنى لكم الملك فلا تتعرضوا لعذاب الله بالتكذيب وقتل النبي فإنه لا مانع من عذاب الله تعالى إن حل بكم {قال فرعون ما أريكم} أي من الرأي والنصيحة {إلا ما أرى} يعني لنفسي {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} أي ما أدعوكم إلا إلى طريق الهدى ثم حكى الله تعالى أن مؤمن آل فرعون رد على فرعون هذا الكلام وخوفه أن يحل به ما حل بالأمم قبله.


{وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم} يعني مثل عادتهم في الإقامة على التكذيب حتى أتاهم العذاب {وما الله يريد ظلماً للعباد} يعني لا يهلكهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد} يعني يوم القيامة سمي يوم القيامة يوم التناد لأنه يدعى فيه كل أناس بإمامهم وينادي بعضهم بعضاً فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة وينادى فيه بالسعادة والشقاوة ألا إن فلان بن فلان سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً وفلان ابن فلان شقي شقاوة لا يسعد بعدها أبداً وينادي حين يذبح الموت يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت وقيل ينادي المؤمن هاؤم اقرؤوا كتابيه وينادي الكافر يا ليتني لم أوت كتابيه وقيل يوم التناد يعني يوم التنافر من ند البعير إذا نفر وهرب وذلك أنهم إذا سمعوا زفير النار ندوا هرباً فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا وجدوا الملائكة صفوفاً عليه فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه {يوم تولون مدبرين} يعني منصرفين عن موقف الحساب إلى النار {ما لكم من الله من عاصم} يعني يعصمكم من عذابه {ومن يضلل الله فما له من هاد} يعني يهديه {ولقد جاءكم يوسف} يعني يوسف بن يعقوب {من قبل} يعني من قبل موسى {بالبينات} يعني قوله: {أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} قيل مكث فيهم يوسف عشرين سنة نبياً وقيل إن فرعون يوسف هو فرعون موسى وقيل هو فرعون آخر {فما زلتم في شك مما جاءكم به} قال ابن عباس من عبادة الله وحده لا شريك له والمعنى أنهم بقوا شاكين في نبوته لم ينتفعوا بتلك البينات التي جاءهم بها {حتى إذا هلك} يعني مات {قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً} يعني أقمتم على كفركم وظننتم أن الله لا يجدد عليكم الحجة وإنما قالوا ذلك على سبيل التشهي والتمني من غير حجة ولا برهان عليه بل قالوا ذلك ليكون لهم أساساً في تكذيب الأنبياء الذين يأتون بعده وليس قولهم لن يبعث الله من بعده رسولاً تصديقاً لرسالة يوسف كيف وقد شكوا فيها وإنما هو تكذيب لرسالة من بعده مضمون إلى التكذيب لرسالته {كذلك يضل الله من هو مسرف} يعني في شركه وعصيانه {مرتاب} يعني في دينه.


{الذين يجادلون في آيات الله} قيل هذا تفسير للمسرف المرتاب يعني الذين يجادلون في إبطال آيات الله بالتكذيب {بغير سلطان} أي بغير حجة وبرهان {أتاهم} من الله {كبر} أي ذلك الجدال {مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} قوله عز وجل: {وقال فرعون} يعني لوزيره {يا هامان ابن لي صرحاً} يعني بناء ظاهراً لا يخفى على الناظرين وإن بعد وقد تقدم ذكره في سورة القصص {لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات} يعني طرقها وأبوابها من سماء إلى سماء {فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه} يعني موسى {كاذباً} أي فيما يدعي ويقول إن له رباً غيري {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل} قال ابن عباس رضي الله عنهما صده الله تعالى عن سبيل الهدى وقرئ وصد بالفتح أي وصد فرعون الناس عن السبيل {وما كيد فرعون إلا في تباب} أي وما كيده في إبطال آيات موسى إلا في خسار وهلاك.
قوله تعالى: {وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد} أي طريق الهدى {يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع} أي متعة ينتفعون بها مدة ثم تنقطع {وإن الآخرة هي دار القرار} يعني التي لا تزول والمعنى أن الدنيا فانية منقرضة لا منفعة فيها وأن الآخرة باقية دائمة والباقي خير من الفاني، قال بعض العارفين: لو كانت الدنيا ذهباً فانياً والآخرة خزفاً باقياً لكانت الآخرة خيراً من الدنيا فكيف والدنيا خزف فان والآخرة ذهب باق {من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها} قيل معناه من عمل الشرك فجزاؤه جهنم خالداً فيها ومن عمل بالمعاصي فجزاؤه العقوبة بقدرها {ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} يعني لا تبعة عليهم فيما يعطون في الجنة من الخير وقيل يصب عليهم الرزق صباً بغير تقتير.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6